محتويات الموضوع
تفيد الأيمان القضائية في معناها اللغوي والإصطلاحي ما يعني القوة أو يدل عليها؛ ففي اللغة تعرف كلمة اليمين بأنها القوة والقدرة، وعلى أثر ذلك يُسمى الحلف بالله يمينًا لما يضيفه من قوة وما يوثقه من صحة للحديث المرفق به أو الحديث الصادر عليه اليمين.
وقد عُرف اليمين كنتيجة لتعريفات فقهاء الشريعة والقانون وتقارب معناه اللغوي والإصطلاحي بأنه وسيلة قضائية من الوسائل المستخدمة في إثبات الحقوق، ويتم استخدامها أمام مجلس القضاء وفي دعوى قائمة بالفعل، وتكون من خلال الحلف بالله سبحانه وتعالى.
أنواع اليمين:
وتنقسم اليمين إلى نوعين يمين قضائية، ويمين غير قضائية؛ وهي اليمين التي تتم تأديتها في غير مجلس القضاء ولا يكون الغرض منها إثبات أو نفي واقعة معينة وإنما تقتصر على تأكيد وعد معين أو عمل ما، ونرى هذا النوع يتم عند تولي بعض المهن أو الوظائف وقد تكون شرطاً لتولي المهنة أو الوظيفة فلا تتم إلا بحلف اليمين.
أما الأيمان القضائية -وهي محل حديثنا اليوم- فهي الأيمان التي تتم أمام القضاء وبأمر من مجلس القضاء ويكون الغرض منها إثبات أو نفي واقعة معينة في قضية معروضة أمام القضاء.
أنواع الأيمان القضائية:
وفقاً لما اعتمده المذهب الحنبلي فإن لليمين القضائية أشكال أربعة وهي:
اليمين النافية:
هي أحد أنواع الأيمان القضائية ، وهي اليمين المستخدمة في الإنكار، وتستخدم فيما يتعلق بحقوق الآدمية، ولا يجوز استخدامها فيما لا يجوز الاعتراف به أو الطاعة له، ويؤديها المُنكِر لينفي ما يدعيه خصمه، وهي جائزة لمن توجهت له، فلا حرج على الموجه إليه اليمين النافية أداؤها.
لا يحق للحاكم أو القاضي توجيه اليمين النافية وإنما يقتصر حق توجيهها على الخصم الذي يدعي مسألة ما على خصمه المُنكِر لهذه المسألة، وكذلك لا يحق للخصم المدعى عليه بمسألة يُنكرها أن يحلف دون توجيه اليمن إليه من قبل الحاكم أو القاضي(بعد توجيهها من الخصم المدعي).
تكون اليمين النافية بالحلف بالله وحده ويجوز للقاضي تغليظها متى استعدت خطورة المسألة ذلك، ولما كان الغرض من اليمين النافية تحقيق وتقوية جواب المُنكِر فإن الحلف يكون صيغة جواب من الُمنكِر؛ بحيث يحلف المُنكِر بالله العظيم أنه لم يقم بالفعل بتًا وقطعًا ويشترط لهذه الصيغة من الأيمان القضائية أن يكون الحلف عن نفسه، ففي حالة كان الحلف عن فعل غيره وجب أن تكون صيغة الحلف على عدم بالفعل وليس عدم الفعل بشكل قطعي بات.
والسؤال هنا ماذا لو كان المستحلف(الخصم المدعي بالمسألة والذي طلب الحلف) جماعة وليس فرد واحد؟؟
في هذه الحالة -كقاعدة عامة- يجب على الحالف باليمين النافية أن يحلف لكل فرد مرة إلا إذا وافقت الجماعة على حلف واحد.
الأثر المترتب علي حلف اليمين النافية
وبعد سرد أحكام أداء اليمين النافية نطرح سؤالاً وهو ما الآثر المترتب على حلف اليمين النافية؟
ونطرح ثلاثة فرضيات:
الأولى: حالة الأداء:
تسقط الخصومة بشكل فوريًا بعد حلف اليمين ولكن يظل الحق مقامًا ويجوز إثباته بالبينة بعد ذلك.
الثانية: حالة النكول:
(التراجع والامتناع عن الحلف)؛ وهنا يعتبر النكول كالإثبات بالبينة ويُحكم على المُنكِر بالمال أو ما في حكم المال محل الخصومة.
الثالثة: حالة الإبراء:
كأن يتم إبراء المستحلف من الحلف، وفي هذه الحالة يجوز لمن أبرئه إعادة إقامة الدعوى مرة أخرى، أما لو كان الإبراء بعد الحلف فلا يحلف المستحلف مرة أخرى.
يمين الاستظهار:
الإلتجاء إلى يمين الاستظهار أمر اختياري للقاضي، ورغم أنه في الأصل غير واجب تقديمه للمدعي في حالة البينة التامة إلا أنه مستحب من أجل الحيطة في استبيان الحق وتقريره.
يتم تقديم يمين الاستظهار من قبل القاضي للتأكيد على صحة البينة، ونتيجة لكون يمين الاستظهار هي يمين إثبات فإنه يترتب على أدائها ثبوت الحق.
اليمين المردودة:
هي أحد أنواع الأيمان القضائية اللجوء لليمين المردودة يحدث في حالة امتناع المدعى عليه عن اليمين الأصلية، والرد هنا يكون على المدعي ويطالبه القاضي بالحلف وهذا لا ينطبق على القاعدة العامة في مذهب الحنابلة فالقاعدة عندهم أنه لا يجوز رد اليمين، ولكن يرى بعض علمائهم بجواز الردة كما سبق.
لا يشترط إذن ناكل اليمين(الممتنع عن أدائها) لتوجيه اليمين إلى المدعي بل يقوم القاضي بهذا من تلقاء نفسه متى رأى حاجة له، وفي هذه الحالة لا يجوز للمدعي (من ردت عليه اليمين) أن يمتنع عن أدائها وإن فعل لا يجوز القضاء له.
اليمين مع الشاهد:
يتوفر هذا النوع من الأيمان القضائية في حالة وجود شاهد واحد ويتم تأديتها من قبل المدعي مع الشاهد الواحد، ويقوم القاضي بتقديم طلب هذه اليمين، وفي حالة رفض المدعي أداء هذه اليمين فلا يُقضى له إلا إذا قام باستحلاف الخصم الآخر ويجب أن يرضى بيمين هذا الخصم.
ويسرى على يمين الاستظهار واليمين المردودة واليمين مع الشاهد ما يسري على أحكام اليمين النافية من حيث شكل وطريقة الأداء.